.
(بالاذن من الأخ ساري )
يوم الأربعاء الماضي حضرت لدي إمرأة كبيرة في السن .. وكانت تلبس العباءة على طريقة الكويتيات قديماً ( العباءة على الرأس وتحتها الفستان القصير تحت الركبة )
وأثناء انجازي لمعاملتها .. جرت بيننا محادثة قصيرة :
المرأة : إنتي بدوية ؟
أنا : نعم خالتي !
المرأة : تدرين بنيتي إني شيعية ويوم الغزو والله ما ضمنا غير بيت جيراننا البدو ؟؟
عشنا سوى انتقاسم اللقمة بسردابهم 7 شهور !
والله انها ليمن الحين اختي وأعز من أختي !
ثم رفعت عيناها وبدأت تلمع بدموعها وقالت : حسبي الله ونعم الوكيل خربوا بيننا !
أخذت أوراقها من يدي فضغطت على يديها وأنا ابتسم فردت لي الابتسامة وخرجت .
موقف أثار فيني الشجون وأحزن قلبي بأفكار كانت تطرأ على بالي كلما رأيت الشحن والتوتر الذي تعيشه الكويت بسبب أشخاص لايهمهم إلا مدى نمو حساب رصيدهم في البنوك !!
في البداية .. يجب أن نذكر بأن الكويت تضم قديما عددا من الشيعة عاشوا بجنب أهلها السنة .. اشتغلوا معا .. وتربى أبنائهم سويا .
هؤلاء هم شيعة الكويت .. الذين كانوا يدا بيد مع إخوانهم السنة أثناء الغزو العراقي الغاشم .. قاوموا معا واستشهدوا معا واختلطت دمائهم على أرض هذه البلد الغالية .
ولكن من بعد التحرير حدث غزو داخلي خفي .. لم ينتبه إليه الجميع .. تدخل في تلك العلاقة التي يضرب بها المثل في التعايش السلمي فدمرها !
فكانت هناك عناصر دخيلة انضمت للجانب الشيعي تحت غطاء الدين والمذهب المشترك وبدأت تبث سمومها بينهم وضد السنة هنا الذين تكون الانطباع لديهم أنهم محاربون ومنبوذون من الجانب الآخر في الوطن !
وأذكر هنا مثالا واحدا هو اختصار لتدهور تلك العلاقة :
يوسف مصطفي شيعي من أبناء الكويت في يوم الغزو كان الكل يسمع صوته المصدوم وهو ينادي الدول ويستصرخ رؤسائها لنجدة الكويت من غازيها الظالم !
كان ينطق حروفه المقهورة على بلاده ولم يكن حينها شيعي ... بل كويتي فقط !
فماذا الذي غيره وجعله يستفز السنة وخصوصا البدو منهم بعد سنين من التحرير بقرارات عنصرية ، منها قرار منع الشماغ ؟!!
في نفس الوقت ما الذي جعل الوعلان - والذي احتسبناه رجلاً وطنياً والله حسيبه !- يقيم الدنيا ويرفض إقامة مسرحية أطفال في مسرح مركز تنمية المجتمع لمجرد أن مخرجها أو بطلها ممثل .. شيعي !!
ما الذي غير مبادئهما ؟ من الذي عبث بـــ .. وطنيتهما ؟!!
وغيرهما في كلا الجانبين الكثير !!
هذا مجرد مثال بسيط لما آلت إليه العلاقة بين الطرفين والذي ببعض التروي والحيادية في التفكير سنجد أنها بايعاز من أطراف تدخلت بين الجانبين بالسوء وناصبت العداء كل منهما للآخر وكأن مايجري بينهما ليس بغزو داخلي خبيث سيمزق وطنهما ويضيعه للأبد !!
يعلم الكل أنه حين دخل الغزاة لم يفرقوا بين مذهب الشهيد مبارك النوت وبين مذهب الشهيد قبازرد فالكل بالنسبة لهم كويتيين فقط !!
لكن هل من متعظ ؟!!
لا أعتقد !!
فمن قام بضرب النسيج الوطني في صميمه وفرّق بين سنة وشيعة وبين البدو والحضر شخص أقل ما يقال عنه أنه ( جاهل ) ولكنه مجرد أداة لمستفيدين بالخفاء من هذا التمزق المؤلم بين شرائح المجتمع !
والمؤلم والمحزن أنه قام بكل ذلك العبث تحت نظر الحكومة وسمعها بل وحتى رعايتها !!
ومن تصل به اللامبالاة بالسكوت أمام هذا العبث الصبياني الخبيث في ضرب الوحدة الوطنية ومحاولة القضاء على أكبر عمود يرتكز عليه بقاء الكويت .. يعتبر خائن !!
كل شخص يفكر مجرد تفكير بضرب مسمار في جدار الوطن هو خائن يجب التشهير به حتى يكون عبرة للغير .. أما هذا التراخي والمحاباة فهو ما أوصل الأمور هذا الحد الخطير من التأزيم الداخلي !
ولو لا سمح الله كان هناك من يتربص بوطننا ويطمع بأخذه من الخارج فاعلموا يا كويتيين أنه لن يكون الوضع كما كان في الماضي .. ستخسرون وطنكم للأبد .. ولن تجدوا من يدافع عنكم أو يساعدكم في استرجاع وطنٍ أنتم لا تستحقونه .. فأنتم من أضاعه المرة هذه بالمرتبة الأولى !!
(بالاذن من الأخ ساري )
ألا هل بلغت .. اللهم فاشهد !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق